الخميس، 5 فبراير 2009



إبنى الداعى الصغير

تعد تربية الأطفال
وإعدادهم إيمانياً وسلوكياً من القضايا الكبرى التي تشغل حيز واهتمامات المصلحين على مرّ العصور , وإليك :الخطوات العملية التي من شأنها أن تسهم بشكل فعال - بإذن الله - في صناعة طفل يحمل همّ الإسلام.
إذا أردنا أن نزرع نبتة، فإننا نقوم بغرس بذرتها الآن .. ونظل نسقيها ونعتني بها كل يوم، من أجل شيء واحد .. ألا وهو الحصول على ثمرة حلوة .. تلذّ لها أعيننا وتستمتع بها أنفسنا.

ولكن !! ماذا لو كان الهدف أسمى، والحلم أكبر، وأبناؤنا زهور حياتنا..

أين نحن من صناعة هدف غالٍ وعزيز لمستقبلهم ؟! أين الأم من رعاية فلذة كبدها بقلبها الرؤوف ليلاً ونهاراً، من أجل حلم فجر مشرق "ابن وابنة يحملان همَّ الدعوة بين جنباتهم البريئة"، يرفعان جميعاً راية الدعوة إلى الله عز وجل على بصيرة، قال تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت:33].

*إن مستقبل أمة الإسلام أمانة تحملها كل أمٍ، وكل أب ، وكل مربٍ، وكل مسؤول عن فلذات الأكباد. حث الأبناء بكل جد على القيام بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها، و الحرص على إلحاق الأبناء بدور التحفيظ له النصيب الأكبر في الاختيار بعد أداء الصلاة ثم الحرص الكبير على اختيار رفقة صالحة للأبناء ومعرفة رفقائهم.

ومن بعض الامثلة التى ناقشتها بعض الامهات فى كيفية صنع طفل يحمل هم الاسلام

التنشئة المبكرة

"منذ صغر أبنائي وأنا أشجعهم على الانضمام إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم، كما أتّبع معهم أسلوب معرفة الله سبحانه وتعالى وغرس محبته في أنفسهم، ودعائي لهم المستمر بالهداية. كما أشجعهم دائماً على طلب العلم الشرعي ليتقرّبوا من الله عز وجل بمعرفة أحكامه".

العبادة الشرعية منذ الصغر

"أحرص على أداء الصلوات الخمس في وقتها، وبالنسبة للأولاد يبدؤون في تأدية الصلوات الخمس في المسجد من المرحلة الإبتدائية، وأحرص على الرفقة الصالحة لهم سواء داخل المدرسة أو خارجها، وبناتي ألبسهن الحجاب والعباءة على الرأس من سن مبكرة حتى يتعودن عليها بعد ذلك".

أم وصديقة!!

"أولاً: لا بد أن أكون صديقة لأبنائي قبل أن أكون أمهم كي أكسبهم ويكون لي تأثير بإذن الله عليهم.

ثانيًا: أبدأ بإصلاح نفسي؛ حتى لا يروا مني أي خطأ يهز ثقتهم بي، وحتى يكون لنصيحتي الصدى الأقوى عليهم، وأحببهم بأماكن الخير، وأجعلهم يتعاونون معي لنشر الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

تنافس شريف

"أحرص على تحقيق التنافس فيما بينهم في حفظ بعض السور والأدعية، وأشجعهم عندما يقومون بتصرف حسن ليستمروا عليه، واقتناء بعض الأشرطة التي تعلمهم الآداب الإسلامية وأشتري أقراص الكمبيوتر الهادفة، وأحكي لهم قصصاً هادفة مفيدة".

جلسة حوار

"أجلس مع أبنائي جلسات حوار بنّاء، وأتحدث معهم بكل واقعية ومصداقية عن كل الأمور التي لا يفهمونها، ولدينا أيضاً جلسات ممتعة على (النت) مع مواقع هادفة تحوي كل ما يهم الأطفال من الأسئلة والقصص".




أساعد أطفالي

"أزرع الوازع الديني في أطفالي، وأوضح لهم الحلال والحرام والجنة والنار، وأساعد أطفالي على اختيار الصديق المناسب لهم، ودائماً أستمع إليهم، وأوجههم بدون كلل أو ملل، وأخاطبهم بصوت هادئ ومنخفض ولا أستخدم العقاب الشديد عند الخطأ".

قدوتهم الرسول صلى الله عليه وسلم

"أربّي أبنائي على أذكار الصباح والمساء وأجعلهم يتّخذون الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة لهم في جميع تصرفاتهم، وأهذّب من سلوكهم سواء داخل المنزل أو خارجه، وأخيراً أشتري لهم القصص والأشرطة الدينية الهادفة".

التربية الصالحة أساس تأسيس طفل يحمل هم الإسلام،
ولكن كيف نغرس في أبنائنا حب الدعوة إلى الله؟

"جميل أن نغرس حب الدعوة في عروق أبنائنا منذ الصغر، فالدعوة ثمرة من ثمار العلم، والأجمل من ذلك أن نحلّق مع أبنائنا ليكونوا دعاة إلى الله يدعون أنفسهم ويدعون الآخرين.



وهذه همسات بسيطة لمن تهفو نفسه
لأن يرى أبناءه دعاة صالحين:

1ـ ليكن لديك اهتمام بالتغذية الفكرية الصائبة؛ فالدعوة بلا علم دعوة بلا رصيد، فلا بد أن نغذي الطفل برصيد من المعلومات بقدر ما يحتاجه لكي يثبت في كل خطوة، فالطفلة التي تمتنع عن ارتداء الملابس القصيرة أو البنطال، لا بد أن تعرف لماذا تركتها، وأن تدعو زميلاتها أيضاً إلى ذلك.

2ـ قص القصص من القرآن الكريم والسنة والسلف الصالح، وتذكيرهم بمواقف صغار الصحابة في الدعوة إلى الله، إضاءات جميلة لها أثرها في نفوس أبنائنا.

3ـ استثمار أوقات الزيارات في عمل برامج مسلية يتخللها مسابقات مفيدة، مع توفير هدايا بسيطة يقدمها ابنك للأطفال.

4ـ قد نحتاج لمرافقة أبنائنا في بعض الأماكن كالأسواق والمستشفيات، فما أروع أن نعوّد أبناءنا توزيع بعض الأشرطة والكتيبات أثناء هذه الجولات.

5ـ ما أجمل أن يتحلق الأطفال -كل حسب جنسه- وأن يكون من بينهم من يقص عليهم ما سمعه من شريط أو ما قرأه من كتيب، وحتى ينجح الطفل في جذب زملائه فليكن له محاولات في المنزل يقيمها الوالدان .

6ـ إشراكهم في المكتبات العامة التي تنمّي فيهم روح العلم والمعرفة، وبالتالي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

7ـ زيارة المراكز الاجتماعية ودور الأيتام وتقديم الهدايا لإخوانهم لها أبلغ الأثر في نفوس الطرفين.

ولنا وقفة واقعية مع أطفال بدأت غراس التربية الحميدة تعطي ثمارها فيهم، فهذا طفل يأمر بالمعروف، وتلك طفلة تنهى عن المنكر.


لقطات سريعة

ـ طفلة صغيرة تدّخر من مصروفها الشخصي وتودعه في صناديق التبرعات، وتحثّ من هم أكبر منها على هذا العمل.
ـ طفل كلما فتح أبوه التلفاز، يطلب منه أن يخفض صوت الموسيقى الصاخبة عند الفاصل، وبعدم النظر إلى النساء.
ـ طفلة رأت صديقتها لا تعرف كيف تؤدي الصلاة، فوجهتها للمصلى وعلّمتها كيف تؤديها، ثم جاءت إلى أمها وسألتها : امى هل لي أجر في ذلك؟
فقالت لها الأم : نعم , وشجعتها كثيراً على ذلك.
ـ طفل نصح أقاربه الأولاد بعدم سماع الغناء الفاحش وقرأ عليهم الآية الكريمة
{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ } [الحديد:16]

توظيف قدرات الطفل لخدمة دينه

من الضروري أن يهتم المربون بمساعدة الطفل على أن يفهم نفسه، وعلى أن يستعمل إمكاناته الذاتية وقدراته المهارية واستعداداته الفطرية، لتحقيق إسلامه وخدمة دينه، فيبلغ بذلك أقصى ما يكون في شخصيته الإسلامية وفاعليته الاجتماعية.

إن تربية الطفل التربية الإسلامية الصحيحة هي التي توظف طاقات الطفل لكي يمارس تأثيره في مجتمعه وفق ما تعلمه وعمل به من دينه؛ إذ لا بد أن يوجه الطفل لعبادة الله وحده، وهو أول ما يجب عليه أن يتعلمه ويلتزم بأدائه. ثم توجيه طاقاته إلى أداء حقوق الآخرين والإحسان إليهم، مع تعويده على ممارسة الدعوة إلى ما تعلمه وفهمه، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الطفل إذا شبّ ودأب على ممارسة الدعوة إلى الله على حسب فهمه واستيعابه -وهو حصيلة تربيته الدينية-، فبعون الله وتوفيقه يجني الآباء والأمهات ثمرات ذلك ناشئاً مؤهلاً للقيام بأعباء الدعوة حاملاً همَّ الإسلام والمسلمين. فالأطفال متى ما تربّوا على هذا الدين قادرون على أن يمارسوا مهمة الدعوة مع أقرانهم وزملائهم وإخوانهم وأسرهم، بل حتى في الطريق كما في موقف الطفل مع المدخن.


لكن ينبغي للمربين أن يوضّحوا للأطفال مفهوم الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان آدابه وأساليبه اللائقة، حتى لا يقعوا في حرج المواقف الصعبة، وتذكيرهم بالأجر والصبر إن حصل شيء من ذلك، مع مراعاة عدم إشعارهم بالتخذيل والتخويف من القيام بتلك المهمة.

فلنشجع صغارنا على الدعوة إلى الله ؟
أخي الحبيب لو جربت تعويد طفلك على الدعوة إلى الله منذُ الصغر وبطريقة تتناسب مع عمر الصغير وتفكيره إنك بذلك تغرس فيه أشياء كثيرة وجميلة لعل منها:
- تعلمه الامتثال لأمر الله تعالى الذي أمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيراه بالتطبيق العملي الواقعي، وأنت تعلم ما في ذلك من الأجر الذي سيأتيك بإذن الله في حياتك وبعد مماتك.
- تغرس في نفسه حب الآخرين والحرص على هدايتهم.
- تجعله يحمل همّ هذا الدين وهمّ تبليغه، وليس فقط قلباً لا يحمل سوى هم اللهو أو متعة زائلة.
- تعوده على الجرأة وطلاقة اللسان وانتقاء الكلام المناسب عند محادثة الآخرين.
- تزرع الثقة في نفسه وأنها قادرة على العطاء والتغيير.
- إعداده وتهيئته منذُ الصغر ليكون فرداً إيجابياً له دوره في المجتمع وليس فرداً يواجه مواقف الحياة بسلبية لا تقدم ولا تؤخر، فتعويد الطفل منذُ صغره على أمر ما أسهل بكثير من تعويده عليه حال الكبر.
إنّ الغصون إذا عدلتها اعتدلت ولا تلين إذا كانت من الخشب
- وهناك مواقف كثيرة لدعوة الصغار وما لها من أثر بالغ على الناس ومن تلك هذه المواقف: يقول أحدهم توقفنا عند الإشارة وكان بجانبنا سيارة ترتفع منها أصوات الموسيقى الصاخبة، فقلت لابني الصغير: افتح السيارة وقل للرجل جزاك الله خيراً اخفض صوت الموسيقى الصاخبة فإنها مزعجة فتبسم ذلك الرجل ورفع يديه محيياً ابني وقال: شكراً لك يا حبيبي وأغلقه تماماً.
ويقول الآخر جاء إلى منزلنا عامل ليصلح شيئاً في المنزل فأخرج هذا العامل سيجارة وبدأ يدخن، ورآه ابني الذي يبلغ من العمر قرابة الخمس سنوات، وقال لا تدخن في منزلنا يا عثمان مرة أخرى ألا تعلم أن التدخين حرام وأنت مسلم ؟ لا ينبغي أن تفعل محرماً وقد أعطاك الله الجنة وأعطاك النار ففرق بينهما وأخذ يسرد الكلام له سرداً وعثمان يبتسم ويعجب ووالده بجانبه يبتسم أيضاً ويعجب من كلامه..فلما انتهى خجل منه هذا العامل وقال له لأجلك فقط يا عبد الله سأترك التدخين من اليوم فقال الوالد بل قل لأجل الله تعالى، لا لأجل أحد من البشر حتى يعينك ويأجرك ومنذ ذلك اليوم لم يعد هذا العامل إلى التدخين أبدا ً.
أسأل الله أن يوفقنا لحسن العناية بأبنائنا وأن يقر أعيننا بصلاحهم انه ولي ذلك والقادر عليه. من كتاب ( تجارب دعوية ناجحة ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق